وكالة أنباء الحوزة_ في الثامن من شهر ذي الحجة من سنة 60 للهجرة استشهد العبد الصالح والمجاهد الثابت سفير الإمام الحسين (عليه السلام) إلى أهل الكوفة مسلم بن عقيل (عليه السلام).
وروى المؤرخون أنه لما اجتمعت كتب أهل الكوفة الكثيرة جداً عند الإمام الحسين (عليه السلام) تدعوه للتوجه إلى الكوفة وأنهم سيوف مشرعة لنصرته و… رأى الإمام (عليه السلام) أن يرسل رجلاً من أهل بيته ليستخبر الحال ويطلع على صدق هذه النداءات. ولم يكن هذا الامر أمراً عادياً، فإن هذا الرجل الذي سيختاره الإمام صلة مباشرة بصميم الثورة الحسينية وسيؤثر عليها سلباً وإيجاباً من خلال تصرفاته... فلابد أن يكون هذا الرجل -عالماً، شجاعاً، مؤمناً بعدالة القضية، عارفاً بأبعادها… وكانت هذه المواصفات مجتمعة في مسلم بن عقيل. فأرسله الإمام (عليه السلام) بهذه المهمة.
والملاحظ لسيرة الإمام الحسين (عليه السلام) يجد انه دائماً يضع الشخص المناسب في المكان المناسب. حرصا منه على جعل ثورته ثورة متكاملة.
فذهب مسلم إلى الكوفة وبايعه الناس فكتب إلى الإمام الحسين (عليه السلام) يخبره بالحال ويستعجله القدوم. فتحرك الإمام (عليه السلام) على اساس كتاب مسلم متوجهاً نحو الكوفة.
إلا أن الأمور انقلبت من خلال التدابير الوحشية والأساليب الشيطانية التي تحصنت بها الحكومة المركزية وذلك عن طريق ارسال عبيد الله بن زياد إلى الكوفة وتوجيه الأوامر اليه بقمع ثورة مسلم وقتله… وبعد جملة من الاحداث انتهى الامر بقتل مسلم بن عقيل ورمي جسده من أعلى قصر الامارة إلى الارض وسحبه في الاسواق معلنين بذلك عن خستهم ودنائتهم وبراءتهم من الإسلام.
فعلوا ذلك بعد ان نازلهم مسلم نزال الابطال وجالدهم مجالدة الفحل وبعد ان أعاد إلى الكوفة صولات عمّه أمير المؤمنين (عليه السلام) وما قدروا عليه الا من خلال الحيلة والغدر كما هو شأنهم.
فالسلام على اول شهيد يقدمه الحسين (عليه السلام)، والسلام على المؤمن المواسي لأمامه بغربته وعطشه ورض صدره.
خروج الامام الحسين عليه السلام من مكة في الثامن من ذي الحجة عام 60 هـ
بعد ان وصلت رسالة مسلم بن عقيل (عليه السلام) إلى الإمام الحسين (عليه السلام) الذي كان في مكة قرر الإمام الخروج بقافلته مبتدءً مرحلة جديدة من مراحل الثورة الخالدة. فوقف في مكة وخطب في الناس بخطبة عظيمة وعرّفهم هدفه وخاتمة أمره وعزمه على المسير ودعاهم لنصرته التي هي نصرة الحق والعدالة فخرج الإمام في اليوم الثامن من ذي الحجة الذي يسمى يوم التروية وحلّ احرامه قبل يوم واحد من إتمام المناسك… لذلك بادرت الكثير من الوجوه المعروفة بالتساؤل والتعجب من موقف الإمام (عليه السلام) فقالوا: ما الذي اعجلك يا أبا عبد الله ولم يبق من الحج الا يوم واحد؟!
واجابهم الإمام (عليه السلام) بإجابات مختلفة كلٌ بحسبه وبحسب معرفته بالإمام. ونحن نعتقد ان أهم الأمور التي دعت إلى خروج الإمام هي:
1ـ علمه (عليه السلام) ان يزيد أرسل (30) شخصاً من بني أمية وأمرهم باغتيال الإمام في اثناء الحج (اقتلوه ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة) الأمر الذي سيقضي على كل ما خطط له الحسين (عليه السلام) وسيجهض الثورة قبل ولادتها.
2ـ تعميق فكرة الثورة في نفوس المسلمين. فالإمام خرج مع اصحابه وبقافلته الكبيرة في وقت كانت الناس تتوافد من كل صوب إلى مكة. مما سيجعل من كل مسلم أمام حالة غير عادية ومخالفة بحسب الظاهر. فيدعوه ذلك للتساؤل عن هذه الحالة وسيعرف حينها ان الحسين (عليه السلام) يحتج على النظام الحاكم ويخالفه وهو خارج لأجل احقاق الحق ودفع الباطل.
فالإمام (عليه السلام) وجه رسالته لكل مسلم عن طريق هذا الخروج المفاجئ.
اراد الحسين (عليه السلام) ان يقول ان الحج الحقيقي له سيكون في كربلاء لانه حج سيحيى به الدين ولولا هذا الحج لما بقي ذلك النفير المتجدد في كل عام.
فأدى الحسين (عليه السلام) مناسكه في كربلاء فسعى وطاف وابتهل وقصر وضحى.
فما أعظمك يا أبا عبد الله ..
السَّلام عَلَى الحُسَيْن ، وَعَلَى عَليِّ بْنِ الحُسَيْنِ، وَعَلَى أوْلادِ الحُسَيْنِ، وَعَلَى أصْحابِ الحُسَينِ الذينَ بَذَلُوا مُهَجَهُم دُونَ الحُسين..